الكاتب فؤاد آل مكي    الأربعاء, 27 يناير 2010 14:04    طباعة
البناء الاجتماعي... و ضرورات التغيير

بقلم: فؤاد علي آل مكي

البناء الاجتماعي... وضرورات التغيير
بناء الذات أو لاً

"على الإنسان الذي يريد ممارسة التغيير أن يجمع القطرات من أجل هدم الأبنية السابقة وتشييد الأبنية الجديدة مهما طال الزمن ومهما احتاج إلى ضم قطرة إلى قطرة وذرة إلى ذرة وعمل إلى عمل وجهاد إلى جهاد وذلك بفارغ الصبر، وجميل الإنتباه. الامام الشيرازي "(1)


إن جملة الأحداث والمتغيرات التي تدور حولنا كمجتمعات تصنف على أنها مجتمعات جماعية أو جمعيه تجبر الانسان على التوقف عندها وتدارس الأجواء التي آلت إليه بالنظر إلى سابق عهدها. حيث كانت غالبية تلك المجتمعات تنعم بقدر كبير من الأمن والطمأنينة ، ولم يكن هنالك حوادث القتل أو السلب والنهب بالكم أو الكيف التي هي عليه الآن.لذا يتبادر إلى أذهاننا سؤال مهم عن الأسباب التي أدت إلى تدهور الوضع الأمني وتكاثر حالات العنف بشتى أنواعه. وهل يمكن لنا كأفراد أو جماعات العمل على تغيير تلك الحالة؟


هنا لابد من أن نعي أمراً مهماً الاوهو الإرادة نحو التغيير كممارسة لا كعنوان أو شعار بدون وعي وإدراك في المقام الأول ومن ثم العمل على تأسيس جماعات لممارسة ذلك التغيير كما نوة بذلك الإمام الشيرازي قدس سرة في كتابة ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين.


وسنتطرق أولاً في بحثنا إلى كيفية إعادة صياغة مفاهيم ونظم البناء الاجتماعي لكي تكون المؤسس والركيزة لمنظومة متكاملة تنتهي بنا إلى تطبيق فعلي لممارسة التغيير، وبناء الذات أولى اللبنات التي نحتاج إلى فهمها وصياغتها بالشكل السليم كيما نتحصل على نتائج ملموسة في النهاية.


معرفة الذات

على الإنسان الذي يريد ممارسة التغيير ،أو أي شخص يريد أن تكون له شخصيته وكيانه المستقل،أن يعرف بالتحديد ماذا يريد أن يكون في الحياة و ماهو دوره تجاه أسرته ومن ثم مجتمعه. البعض منا لا يريد إلا أن يكون حيادياً يؤدي دوره الأسري والوظيفي بالشكل الروتيني، وبالتالي ينتهي إلى ما انتهى إليه الآخرون بأن يقف موقف المتفرج حيال القضايا والأحداث الاجتماعية المتعاقبة. وفي الناحية الأخرى نرى شخوص وكيانات جل اهتمامهم العمل على معالجة القضايا الاجتماعية التي تمر بها الأفراد والأسر في مجتمعاتنا.


فمن خلال معرفة الشخص لما يريده وما يتمناه يكون جلياً للإنسان أهدافه الواضحة التي يبني عليها مستقبلة. ونحن كمجتمع جمعي نطالب جميع أفراد المتجتمع رجالاً ونساء، شباب وشابات لأن يكونوا فاعلين ويشاركوا في مسيرة التغيير نحو الأفضل في بناء مجتمع آمن ومعطاء في آن واحد.

 

بناء الثقة
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):{ وتحسب أنك جرم صغير ،وفيك أنطوى العالم الأكبر}. الإنسان وهبه الله سبحانه وتعالى طاقات كامنة، ولا يمكن لأي شخص أخر أن يكتشفها إذا ما أبرز الشخص نفسه تلك المهارة وذلك العمل. قد يكتشف الشخص نفسه في أحدى المهن أو الحرف فيلتزم بها طيلة حياته، وفي الاتجاه الأخر يحجب نفسه حتى عن التجربة في حقل أخر في الغالب خوفاً من الفشل. هنا لابد أن يثق الإنسان بنفسه بأنه يملك القدرة على الأقل للمحاولة في حرف أخرى. وما نريد أن نصل إليه هنا هو تأصيل الثقة بالنفس بأن الشخص ككيان منفرد يمكنه أن يعمل الكثير، فكيف إذا قام بتنويع مهاراته ومشاركة مجاميع مختلفة بتلك المهارات بمنئ عن أي حواجز طبقيه سواء أكانت دينيه أو عرفيه. فينبغي أن نتخطى تلك الحالة من العزلة ونثق تماما بأننا يمكن أن نغير من واقع مجتمعنا وبعض أعرافه الخاطئة التي أثرت على مسيرة الحياة بالتوافق مع النهج القرآني ونعمل مع الآخرين يداً بيد.

تحمل الصعاب
بطبيعة بني البشر أنهم لا يطيقون صبراً على تحمل أمور قد تكون غائبة عن وعيهم وإدراكهم مثل قصة نبي الله موسى مع الخضر عليهما السلام  حينما لم يطق نبي الله موسى عدم معرفته لما يجري حوله، أو حينما يساء إلينا من قبل الآخرين على عمل قمنا به بهدف التبليغ والموعظة في سبيل إحداث تغيير واقع معاش نحو الأفضل. ولكن ما يفترض علينا كدعاة للتغيير الإقدام بشجاعة وصبر وتحمل على تبني مثل هذا النهج برغم المصاعب التي قد تتوالى على كل فرد مشارك في مسألة التغيير لأن المجتمعات في عادتها ترفض التغيير بشتى أنواعه. "على ممارس التغيير تحمل الصعوبات، فإن تحمل الصعوبات تسجل للإنسان التاريخ المشرق وتدفع الأجيال إلى الأمام ولذا نرى النبي (صلى الله عليه وآله) كيف تحمل المشاق الجسدية والروحية، وهكذا بدأت الصديقة الزهراء (عليها السلام) تتحمل الصعوبات المنزلية وغير المنزلية وقاست مصاعب الهجرة واستشهدت أخيراً" (2)

الأبعاد المستقبلية
إذاً نعي تماماً ومن خلال قراءة مبسطة لسيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أن طريق التغيير في ممارسات وأعراف اجتماعية اعتاد الناس عليها لن يكون معبداً بدون أية مصاعب،ومثال بسيط على ذلك ما حدث لشهيد الأمر بالمعروف المرحوم شكري الرضوان، ولكن على الإنسان أن يتحلى بالصبر والثقة بالنفس أولاً ومن ثم يستشرق الأبعاد المستقبلية التي سيجنيها أي شخص مشارك في عملية التغيير بالإضافة إ لى الأجيال القادمة. في سبيل رغد من العيش ومجتمع آمن ينبغي أن نعيد تدارس وضعنا الاجتماعي بشكل متأني وسليم وتدارس المفاهيم التي يتربى عليها الأفراد داخل مجتمعنا إذا ما أردنا معالجة المشاكل الاجتماعية التي نعايشها مثل السرقات، القتل، العنف الأسري، وغيرها من ظواهر سلبية طافية على سطح البيئة التي نعيش فيها بشكل عام.


السعي خلف التغيير لابد وأن يكون بسواعد أبناء البلد، لأنهم الأعرف في كيفية إيصال المفاهيم الصحيحة التي نريد أن تنشأ بين شباب وشابات المنطقة ككل. والوصول إلى تعميم تلك المفاهيم سيؤسس إلى حراك جماعي مغاير ينتج عنه تغير في نمط الحياة الاجتماعية نحو الأفضل إن شاء الله تعالى. وسنناقش معكم في مقالات قادمة حول تلك المفاهيم والتي منها تأسيس الجماعات ونبذ الاستبداد و الحريات.


-----
1ـ موقع الامام الشيرازي. كتاب ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين، الامام محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره)
2ـ موقع الامام الشيرازي. كتاب ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين، الامام محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره)

 

تعليقات
بحث
عفوا .. التعليق متاح للاعضاء المسجلين بالموقع ,, التسجيل مجانى ويشرفنا انضمامك لنـا!

3.25 Copyright (C) 2007 Alain Georgette / Copyright (C) 2006 Frantisek Hliva. All rights reserved."