الكاتب فؤاد آل مكي    الأربعاء, 02 ديسمبر 2009 09:34    طباعة
علاقة الأباء والأبناء 2-2

بقلم: فؤاد علي آل مكي

تخرج أحمد ذلك الشاب اليافع من الجامعة وكله أمل أن يلقى الوظيفة المناسبة له، وبعد مرور فترة من الزمن وبحمد الله استطاع أحمد الحصول على الوظيفة التي كان يأمل، ولكن المشكلة كان في مقر الوظيفة فلم يكن في نفس المنظقة التي يقطن فيها أحمد. لذلك اظطَّر أحمد في أثناء تلك الفترة للعيش مع مجموعة من الشباب برغم اختلاف ميولهم وتوجهاتهم  إلا أنَّ تواجدهم في نفس المنظقة أجبر صديقنا أحمد للسكن معهم.

بعد فترة كثرت أعباء أحمد الوظيفية ولم يستطع التركيز في عملة لذلك قرر الخروج في سكن منفرداً ولو لفترة ريثما يلقى زملاء آخرين، وقام باستشارة أهله إلا أنَّ الأهل رفضوا ذلك وأصروا على بقائة مع نفس المجموعة. حينها دار بخلد أحمد الكثير من الهواجس والأفكار حول مساحة الحرية التي أتاحها الأهل له سواء في أيام طفولته أو في هذا الموقف بالذات.

نرى من خلال هذه القصة مدى الحدود التي أقتضاها الأهل لصديقنا أحمد، فالبرغم  من معاناته إلا أنه لم يستطع أن يقرر مايكون الأنفع له في تلك الفترة بالذات. وهذا يفضينا إلى التأمل والتفكير في سؤال مهم يُطرح " مامدى تأثير الحرية داخل الاسرة في مسيرة حياة الأبناء". وبما أننا تطرقنا في مبدء الحوار بين الأباء والأبناء عبر بوابة الآيات القرآنية الدالة على ذلك، لذى سيكون محور الحرية في علاقة الأباء والأبناء عبر ثلاثة نقاط، أولا :الحرية منشىء لتأصيل الثقة في النفس. ثانياً: الحرية دافع نحو العطاء. وأخيرًا تجربة فضاء الحرية داخل الأسرة يقدم تجارب حقيقيه للفرد.

تأصيل الثقة بالنفس


 حينما يربو الطفل على مجموعة من العادات الحميدة التي تفتح له آفاق العلم والمعرفة فأن ذلك الطفل حتماً سيكون ذا شأن ومكانه مستقبلية مرموقة. ويساعد على هذا الأمر وجود جو أسري يغذي  مجموعة من المفاهيم السليمة، ومن هذه المفاهيم مفهوم الحرية. ولكي لا تكون كلمة الحرية ومحتواها وبالاً على الشخص ذاته ومن ثم على المجتمع لابد لنا من فهم معنى الحرية ولو بشكل يسير. فقيول حيدر حسين عبد السادة في معنى الحرية  " الحرية: مفهوم ذو شفافية خاصة تتميز عن غيرها من المفاهيم، وهذه الشفافية هي التي تجعل النفوس تحّلق معها حينما تُطلق، وتجعل القلوب تهفو إليها وتأنس الأذهان بها.
فهو من المفاهيم التي لا يعني بإدراكها إنسان بغض النظر عن دينه، ومذهبه، وجنسه بل وحتى عمره، ولذلك فأنت ترى الطفل الذي لم تكتمل مداركه بعد يُجيب حين يوبخ على شيء أتاه، ولم يكن مما يرتضيه الكبار بأن ذلك مقتضى حريته وإن كان لا يعبر عن ذلك باللفظ المذكور إلا أن تعبيراته ـ من قبيل هذا شأني أو رأيي أو غيرها ـ مما يدل على إدراكه للحرية"1
 

فيتضح لنا من خلال هذه الكلمات أن وجود مساحة من الحرية لدى الأبناء في اختيار مجموعة من الأمور الخاصة بهم يساعد بشكل مجمل في تكوين نوع من الثقة بالنفس في أن الخيار الذي قام به الفتى أو قامت به الفتاة وإن لم يكن صحيح بالكامل إلا أنه أعطى  الثقة في نفس الفرد على حرية الاختيار وتحمل المسؤولية على ذلك.

الحرية ... الدافع نحو العطاء

لاشك أن في إعطاء مساحة الحرية للأبناء في اختيار مسلكهم الخاص سيعطي الدافع والحافز للعطاء والانتاج. فعلى سبيل المثال حينما يختار الأبن التخصص الذي يناسب رغباته وطموحاته المستقبلية فإن ذلك سيكون محفِّزاً قوياً له لأثبات جدارته وأن مساحة الحرية التي أعطيت له أوجدت الدفعه المعنوية التي يتحاجها الأبناء من الأباء في العادة.

فنرى في الغرب مثلا أن الأُسر تعطي الحرية التامة للأبناء لإختيار التخصص المناسب لهم حسب ميولهم وتطلعاتهم، فنجد أن أغلب الطلبة الخرجين حديثاً هناك لم يحددوا مسارهم بعد كي يعطوا أنفسهم الفرصة ليروا أي تخصص يناسبهم بعد أخذ مجموعة من المواد. وهذه أحد العقد التي تواجهة شبابنا في هذه الايام فنجد الطالب يقضي سنوات من عمرة في تخصص ما وبعد فترة قرر تغييره، غير آبه للسنوات التي ضاعت من عمرة.

التجربة هي من يصنع الفرد

مرور الأنسان بمراحل مختلفة ومحطات توقف عديدة في حياته عادة مايكون السبب الرئيس في تنمية مهارات الفرد واكتسابة قدرات أفضل. ولعل مسألة الحرية حينما تتواجد داخل الجو الأسري ومع تعدد التجارب فإن ذلك سيصقل قوة وعزم الفتى. وفي الغالب يواجه ذلك تأطير من ناحية الأباء لدور الأبن داخل الأسرة وأعطاء مساحات من الحرية والتي من قد تفضي إلى مهانة الفرد وعدم مقدرته على المواجهة والتصدي للمشكلات التي قد تواجهة في المسقبل على الصعيد الأسري والأجتماعي والوظيفي.
 
وفي الختام لابد أن نعي أنَّ لكل شيء في هذا العالم فوائد ومضار، فحينما يساء فهم وتفسير معنى الحرية لدى الشباب فإن ذلك سيكون وبالاًعلى الأهل والمجتمع بشكل عام ومن ذلك ما نراة لدى بعض من شبابنا وشاباتنا من تمادي في مفهوم الحرية. ففي نظرنا أن الحرية هي الأ تتعدى على حريات الآخرين وفق نسق ومساحة معينة تتيح لك ممارسة حريتك. وقد بينا أهمية وجود الحرية داخل الجو الأُسري من خلال ثلاثة نقاط وهي الحرية تأصيل للثقة بالنفس. ثانياً الحرية دافع نحو العطاء. وأخيراً تجربة الحرية هي من تؤصل مفهوم الحرية الصحيح لدى الفرد.

1-  مجلة النبأ- مفهوم الحريات في الشرائع السماوية والأرضية - حيدر حسين عبد السادة

 

تعليقات
بحث
زكريا الباشا  - الروابط الاسرية     |2009-12-05 06:14:36
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

أستاذي
العزيز أنت تضغ يدك على النقاط المهمة لهذا
الموضوع.
الشيء المفجع ان الاب يسعى وراء
المال , والابن ينتظر الحنان , ولا يوجود اي
ترابط وتفاهم بينهم سوى بلغة المادة. اما عن
لغة الحنان والتفاهم للاسف فأنها معدوم.

في
مثل هذة القصة الجميلة والواقعية ترى تركيز
الأهل في عملية فرض الرأي على الأبن وعملية
التوفير بحسب زعمهم انه يدخر الى الزواج او
ماشبه.

هذا تعليقي بصورة سطحية ولم ادخل في
التفاصيل لكي لا أشتت لك الافكار . والى
الامام بمواضيع اخرى وجميلة .

تحياتي
زكريا
الباشا
فؤاد آل مكي  - العلاقات الاسرية   |2009-12-08 01:01:22
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اخي
العزيز أبو نبراس أشكر لك تعقيبك ومداخلتك
المفيدة

ماقمنا به في الموضوع هي بعض
الاشارات لنقطة مهمة في حياة الفرد من خلال
الاسرة والا الموضوع يحتاج الى حيز كبير من
المناقشة والطرح. وبالفعل كما تفضلت اختلاف
طريقة التفكير بين الاباء والابناء تؤدي الى
نتائج وخيمة

دمت بكل حب وود
عفوا .. التعليق متاح للاعضاء المسجلين بالموقع ,, التسجيل مجانى ويشرفنا انضمامك لنـا!

3.25 Copyright (C) 2007 Alain Georgette / Copyright (C) 2006 Frantisek Hliva. All rights reserved."