اقتلوا يوسف... وثقافة الهولوكوست تحت الإجبار!!
مرسل: السبت أكتوبر 25, 2008 8:09 am
اقتلوا يوسف... وثقافة الهولوكوست تحت الإجبار!!
بقلم: صلاح حميدة
http://www.alqassam.ps/arabic/article.php?id=5022
يوسف عليه السلام هو احد انبياء الله الذين ارسلوا الى بني اسرائيل ،وهو ابن نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام، قصة يوسف معروفة بكل تفاصيلها في سورة يوسف في القرآن الكريم، وتتحدث هذه السورة عن نبي الله يوسف المحبوب الى ابيه يعقوب ، والذي يمكر اخوانه له ويتآمرون عليه لكونهم يعتبرون ان اباهم يفضل اخاهم عليهم ، ما يلي ذلك معروف ، ولهذه السورة انعكاس على واقعنا العربي والاسلامي الحالي بالعموم والدلالة.
يتبين ان يوسف حاز على حب ابيه وعلى اختياره ليقربه منه لكونه الأفضل خلقا من بين اخوته ، مما أثار حقد اخوانه عليه ، الذين اوصلتهم اخلاقهم للتفكير بقتله او ابعاده عن ساحة المنافسة على قلب ابيهم ومن ثم تخلو الساحة لهم ويكونوا خيار والدهم الوحيد ويظهرون بثوب الفاضلين!.
في الوقت الحاضر نجد ان الشعوب العربية والاسلامية اختارت في اكثر من مناسبة الافضل دينا والادمث خلقا والانظف كفا والاحرص على مصالح الامة ، من خلال الانتخابات وغيرها، كما حدث في الجزائر عندما فاز الاسلاميون في الانتخابات وتم الانقلاب على هذه النتائج وما تلا ذلك من مجازر ، وكلنا يعرف ما آلت اليه الامور في فلسطين عندما فازت كتلة التغيير والاصلاح في الانتخابات .
تتجسد الاية (اقتلوا يوسف او اطرحوه ارضا يخل لكم وجه ابيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين)، في هذه الاحوال السابقة واللاحقة، يسعى اعداء وخصوم حاملي الدعوة الربانية الى المكر او القتل والابعاد لمنافسهم الذين كلما نظروا اليهم شاهدوا عيوبهم، ولذلك يفكرون بقتلهم أولا ،كما حصل مع رواد العمل الاسلامي وقادته منذ بداية القرن العشرين عندما اغتيل حسن البنا واعدم سيد قطب واغتيل قادة من الحركة الاسلامية في الجزائر ، اضافة الى ان الحركة الاسلامية في فلسطين التي اغتيل احد قادتها (الدكتور اسماعيل الخطيب) في قطاع غزة في بداية الثمانينات على يد خصوم الحركة ، وتبعه آخرون كثر بأيد كثيرة كالشيخ ياسين والرنتيسي.
والقتل هنا يتعدى القتل المادي والشخصي الى القتل من خلال الاعلام والتشوية وابراز كل نقيصة والتشهير والكذب وتحريك ماكينة اعلامية لأجل هذا الهدف، كما ان الرغبة بالقتل والابعاد تكون من خلال المنع من اي نشاط سياسي او اجتماعي واعتقال وضرب واهانة واخذ تعهدات بعدم القيام بأي نشاط اسلامي، هذه الرغبة والممارسة تستمر من خلال قطع رواتب الناس ومنع المال عنهم وفصلهم من وظائفهم ، وهذا التصرف بالذات يسبقه ما يعرف بالسلامة الامنية التي تحظر توظيف اي متعاطف مع الحركة الاسلامية ، يضاف الى ذلك استهداف المؤسسات الخيرية التي بنتها الحركة الاسلامية منذ عقود والاستيلاء عليه وطرد ادارتها وتعيين آخرين مكانهم ممن سبقوا الحركة الاسلامية بعقود وفشلوا في بناء مؤسسة واحدة فلسطينية وما بني تبخر ولم يعد له وجود واختفت اموالها.
قد يتساءل المرء لماذا هذه الرغبة الكبيرة من طرف لقتل آخر بأي طريقة تفقده البوصلة حتى يجد انه اقرب الى عدوه من خصمه الشقيق؟!
يعتبر الحسد اهم الاسباب لهذا التصرف، فإخوة يوسف هم اكبر منه عمرا ولكنهم فاشلون لم يستطيعوا ان يصلوا الى قلب ابيهم ، وبدلا من أن يصلحوا اخطاءهم ويحسنوا سلوكهم ويسيروا في طريق يوسف التي اوصلته الى قلب ابيه تجدهم يفكرون بقتله ، لأنهم بتفكيرهم المنقوص يعتقدون ان قتل يوسف او تشريده في الارض سيجعل اباهم يرى انهم هم الافضل لأن البديل الافضل غائب أو مغيب ؟!.
وبذلك يكون هؤلاء فعلوا كما تفعل الفتاة القبيحة التي كلما نظرت في المرآة ورأت قبحها قامت بتكسير المرآة ، معتقدة ان تكسير المرآة التي تعكس قبحها وعيوبها سوف يظهرها جميلة امام الناس .
ثقافة هولوكوست تحت الإجبار
مصطلح الهولوكوست معروف بما يعرف بالمحرقة النازية لليهود والتي يدعي اليهود انهم احرقوا بعداد خمسة ملايين في افران غازية على يد النازيين الالمان في الحرب العالمية الثانية، الى هنا يبدو الامر طبيعيا ، ولكن اليهود يعمدون الى المبالغة في هذا الامر وفرض وجهة نظرهم وروايتهم التاريخية لهذا الموضوع ، ويرفضون اي نقاش او تحليل او دراسة علمية لهذا الحدث والحقبة التاريخية التي تم فيها؟!.
قام العديد من المفكرين والسياسيين في اوروبا وغيرها بالبحث في الموضوع وتبين لأكثرهم انه يوجد مبالغة في الاعداد ، وهناك من شكك بالحدث نفسه، وتعرض هؤلاء لحملة شعواء في الإعلام والسياسة والقانون ومنعت كتبهم من النشر وسجنوا وغرموا ماليا وتمت محاولة اغتيال بعضهم.
يعتبر رفض اي وجهة نظر اخرى للرواية اليهودية للاحداث ومهاجمة من يعمل للتمحيص العلمي واستجلاب آراء اخرى حول نفس القضية لنقاشها بموضوعية ، عامل ضعف لهذه الرواية وليس عامل قوة لها ، لأن من يسعى لفرض وجهة نظره بالقوة على اختلاف اشكالها في لحظة من الزمن ، ويرفض اي وجهة نظر مغايرة ويحارب من يأتي بها بالإجبار والإكراه هو الضعيف المهزوز ، بل هو المتأكد من ضعف وهشاشة روايته.
في المدة الاخيرة ومنذ الاحداث المؤسفة في غزة والتي افضت الى سيطرة حكومة الوحدة الوطنية على قطاع غزة، وانفراد حركة فتح وحكومة فياض المعينة بالسيطرة على الضفة الغربية، طفت على السطح ظاهرة سؤال ( ما رأيك فيما حدث في غزة؟).
هذا السؤال اصبح الجواب عليه العلامة الفارقة في الثقافة السائدة لدى عناصر فتح والاجهزة الامنية التابعة لها، فأول سؤال يسألك اياه المحقق عندما تستدعى للمقابلة او عندما يتم اعتقالك ، يكون (ما رأيك بما حدث في غزة؟)، طبعا يبدو الأمر هنا طبيعيا فأنت معتقل أو مستدعى ، فمن الطبيعي ان تسأل من قبل المحقق!.
في هذا السياق من المرفوض فتحاويا او امنيا ان تقول الا انك تدين ما يجري وجرى في القطاع ، مع انه لا يد لك فيه ولم تكن شاهدا على ما جرى في الميدان ،ويجب ان تتماهى مع الطرح وتدين حماس في غزة وتتبنى الرواية الفتحاوية كاملة ،مع ان الاقتتال كان ثنائيا ولم يسلم احد لا من القتل ولا التقتيل ،و يجب ان تقبل ما يتم بحقك من شبح وضرب واهانة، لأن هذا من تبعات ما جرى في غزة ، وان كنت هنا تضرب وتشبح ففي غزة يقطعون الرؤوس كما قال احدهم؟!.
اذا يجب ان تشكرهم على ضربهم واهانتهم لك وتحمد الله ان رحمتهم وسعتك لأنهم لم يقطعوا رأسك كما جرى في غزة -حسب روايتهم-. ان التصرف بهكذا طريقة احادية الاتجاه ذات تأثير سيء وذات نتائج مخيفة على مسقبل العلاقة الداخلية ، لأن استغلال اللحظة الزمنية العابرة لفرض رواية او سياسة ما على جموع غفيرة وشريحة واسعة من شعب معين على يد الخصم السياسي ، مستقويا بدعم دولي متعدد الأوجه ، له نتائج كارثية على مستقبل ليس العلاقة بين الحركات السياسية فقط ، بل يتعدى ذلك الى العلاقات الاجتماعية والاسرية في المجتمع الفلسطيني.
كما ان محاولة فرض هذه الرواية وكأنها الركن السادس من الايمان والترويج لها بالطرق السالفة الذكر، تحت عنوان من مع الشرعية ومن ضد الشرعية ، واختزال الشعب والقضية والسلطة والمنظمة والشرعية بحركة فتح ، ما هو الا استخفاف بعقول الناس اولا ، اضافة الى التأثيرات السلبية السابقة الذكر على شبكة العلاقات في مجتمعنا الذي تعتبر العلاقات الاجتماعية والعائلية احد اهم ما يميزه.
ان السعي لنفي الخصم السياسي تحت مبررات متعددة وباساليب كثيرة والتصارع معه والاستقواء عليه بدعم متعدد الوجوه وصولا الى فرض رؤية ورواية واحدة على المجتمع والتعامل مع مؤيديها ومعارضيها او حتى مناقشيها بأسلوب التعامل الاوروبي اليهودي مع رواية الهولوكوست ، لن يفضي كما يتوهم ناسجو خيوط هذه السياسة الا الى تعميق الانفصال والخلاف ولن يفضي الى اية نتائج ايجابية لا على الصعيد الداخلي ولا على صعيد القضية العامة ولا على صعيد من ينفذون هذه السياسة