فاتورة الألم
مناسبات الزواج هي مواعيد سعيدة تتجاوز بأفراحها حدود العائلة إلى الحي والمدينة وكل الناس الذين سيضفون بحضورهم طعماً جماعياً للفرح في هذه المناسبات.
وبمثل ما تتكاثر الأزهار في موسم الربيع، تتكاثر أفراح الناس ومناسابتهم السعيدة التي جل ما يأملونه فيها أن تكتمل لها فصول السعادة والتوفيق، وأن تصبح ذاكرة سارة يحرسونها بالزغاريد والأهازيج الجميلة، وفي مناطقنا كثيرة هي وجوه التعبير عن هذا الفرح، بها ما يتصل بالتقاليد المتوارثة، وبعضها الآخر يتصل بروح هذا العصر ولونه ومزاجه.
غير أن بعض أشكال التعبير تلك تجعل من المسافة بين الحزن والفرح قصيرة جداً، حين يترنح فيها القدر على يد شباب لا يكترثون بأصول السلامة، شباب تحملهم الشجاعة للمبالغة في التعبير عن أفراحهم، فيحيلون سياراتهم إلى أدوات للمغامرة بالأراوح، وكم أزكمت أنوفنا أحوال التفحيط التي تصاحب زفة العرسان في عصر يوم العرس، وغشت عيوننا صور المتعلقين على النوافذ وفوق ظهور السيارات وهم يجوبون الشوارع باستمتاع دون اكتراث بالعواقب الخيمة.
وفي مثل هذا اليوم 16 أبريل أنقذت العناية الإلهية شاباً يافعاً بعد سقوطه من فوق إحدى السيارات المتحركة أثناء مشاركتها في واحدة من تلك الزفات، وكان قد خضع بسببها لعملية جراحية دقيقة في الدماغ وبقي بعدها تحت تأثير البنج لمدة عشرة أيام، خسر خلالها الكثير من وزنه، كما خسر فيها الأهل والأصدقاء الكثير من عواطفهم ومشاعرهم وهم يشخصون أبصارهم في جسد بين الحياة و الموت.
نجا الشاب بحمد الله، وعاد إلى طبيعته، غير أن النجاة ليس أمراً مضموناً في كل الحوادث، خاصة إذا ما علمنا ما ينتج عن هذا النوع من الحوادث من أخطار وأضرار على سلامة المصابين فيه.
وكمبادرة من ملتقى الشباب بسيهات، جرت في منتصف العام الماضي حملة للتوعية بمخاطر السلوكيات الخاطئة في زفة المعاريس النهارية، وعقدت ورش عمل لتدارس الأسباب والحلول مع مجموعة من الشباب اليافع، وكان هذا المقطع المعد جزءاً من الحملة التي نطمع أن تستمر حتى تنقطع تلك الصور السلبية عن أجواء الفرح في مناسبات الزواج، فروح أي فرد من هذا المجتمع هي عزيزة علينا، ولا نريد أن ننتظر حتى نرى أحدهم يخسر حياته بسبب هذه الممارسات لنتعض ونشعر بفداحة الخطأ.